للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاهدة صلح، تعهد فيها أردونيو بأن يصلح بعض القلاع الواقعة على الحدود، وأن يهدم البعض الآخر. ثم توفي أردونيو بعد ذلك بقليل، وخلفه أخوه سانشو في الملك؛ وكان أول ما عمل أن رفض تنفيذ المعاهدة التي عقدها أخوه مع الناصر، فاضطر الناصر إلى إعلان الحرب، وبعث حاكم طليطلة أحمد بن يعلى في الجيش إلى ليون، فغزاها، وتوغل في أراضيها، واضطر سانشو أن يعقد الصلح، وأن يقر ما سبق أن تعهد به أخوه. وبذلك استقرت علائق السلم بين الفريقين.

ومن جهة أخرى فإن فرنان كونثالث لم يتحول عن سياسة العداء نحو ليون؛ وقد كان قبل أن يرث سانشو العرش، يؤازره ويناصره ضد أخيه أردونيو، فلما تولى أردونيو عرش ليون، انقلب إلى خصومته وفقاً لسياسته المأثورة ضد ليون، وكان يبغى في الوقت نفسه أن تعود ابنته أوراكا مطلقة أردونيو الثالث إلى العرش، بعد أن تزوجت من ابن عمه الأمير أردونيو، وقد عاونه القدر غير بعيد على تحقيق بغيته.

ذلك أن الأحوال ما لبثت أن ساءت في مملكة ليون، فقد ثار الأشراف بسانشو ونزعوه عن العرش، واحتجوا لخلعه بهزيمته أمام المسلمين في بعض المعارك التي خاضها، وبأن بدانته الفائقة تمنعه من ركوب الخيل، ومن تولى الإدارة، ففر سانشو إلى بنبلونة، إلى جانب جدته طوطة ملكة نافار، وقام الأشراف في ليون وقشتالة، باختيار ملك جديد هو أردونيو الرابع، وهو ابن ألفونسو الرابع، عم المك المخلوع وصهر الكونت فرنان كونثالث، وكان أحدباً دميماً سيىء الخلال، حتى لقب بالردىء El Malo. ولجأ سانشوا إلى عون الناصر، فأرسل إليه طبيباً يهودياً من قرطبة، يتولى علاجه من بدانته؛ وفي سنة ٩٥٨ م (٣٤٧ هـ) قصدت طوطة إلى قرطبة، ومعها ولدها الفتى غرسية سانشيز، الذي كانت تحكم نافار باسمه، وسانشو ملك ليون المخلوع، فاستقبلهم الناصر استقبالا حافلا، وعقد السلم مع طوطة، وأقر ولدها ملكاً على نافار، ووعد سانشو بالعون على استرداد عرشه، وذلك مقابل تعهده، أن يسلم للمسلمين، بعض الحصون الواقعة على الحدود، وأن يهدم البعض الآخر؛ ثم أمده الناصر بالمال والجند، فغزا ليون، وغزا النافاريون في الوقت نفسه ولاية قشتالة من ناحية الشرق وانتهت هذه الحرب الأهلية الجديدة، بانتصار سانشو وجلوسه على العرش مرة أخرى، وفر أردونيو إلى برغش.

<<  <  ج: ص:  >  >>