خمسة أعوام، وفي عهده غزا المنصور نافار مرة أخرى (٩٩٩ م). ثم توفي غرسية في العام التالي، فخلفه ولده سانشو الثالث الملقب بالكبير.
٤ - عناصر المجتمع في اسبانيا النصرانية
سبق أن تحدثنا فيما تقدم عن عناصر المجتمع في اسبانيا المسلمة، ويجدر بنا أن نتحدث هنا عن عناصر المجتمع في اسبانيا النصرانية.
لم يكن في اسبانيا النصرانية بعد الفتح الإسلامي، ما يمكن أن يسمى بالحياة القومية العامة. وكانت كل ولاية أو مملكة، تعيش وفق ظروفها ونظمها الخاصة، وكان هذا التباين ذاته، يقوم في الداخل، ويتفاقم أحياناً بما يحدث إلى جانبه من خلافات أخرى، تصيب النظم والحياة الإجتماعية.
وقد بقي تكوين المجتمع النصراني الإسباني عقب الفتح، على ما كان عليه أيام القوط، فكان يتكون من عنصرين رئيسيين، هما الأحرار، والعبيد؛ وكان الأحرار وهم الذين يستطيعون التصرف في أشخاصهم، والتنقل بحرية من مكان إلى آخر، ينقسمون بدورهم إلى أشراف وعامة.
وكانت طبقة الأشراف، تتكون أولا من الحكام ومن خاصة الملك، وتتوقف في تكوينها على الملك، يمنحها الألقاب والأراضي والوظائف. ويلحق بهذه الطائفة كبار الملاك، الذين يحصلون على أملاكهم سواء بالميراث أو الهبة. وكان للأشراف امتيازات كثيرة، سواء بالنسبة لأشخاصهم أو أملاكهم، فكانوا داخل أراضيهم سادة بكل معنى الكلمة، لهم مطلق الحرية والتصرف، بل كان لهم أن يتركوا خدمة الملك، وأن ينتقلوا إلى مملكة أخرى، إذا غضبوا منه لسبب من الأسباب. وكان من جراء ذلك، أن كثيراً من الأشراف النصارى، كانوا ينتقلون إلى الأراضي الإسلامية، وينضوون تحت لواء الأمراء والخلفاء، ويحاربون معهم ضد مواطنيهم وأبناء دينهم.
وكان هؤلاء الأشراف يعفون من الضرائب، خلافاً لما كان عليه الأمراء في عهد القوط، وكانوا ملزمين فقط بمساعدة الملك وقت الحرب، فينتظمون مع أتباعهم في الجيش المحارب على نفقة الملك.
وكان يلحق بهذه الطبقة من الأشراف، بعض طوائف أخرى أقل أهمية من الناحية الاجتماعية، مثل الفرسان والمحاربين، وهم الأشخاص الذين يستطيعون