للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عربيا ينتسب إلى خثعم إحدى البطون العربية العريقة (١)، ولم يفز بإمارة الأندلس في تلك الفترة سوى زعماء العرب، ولم تسند إلى أحد من البربر. هذا إلى أن الرواية الإسلامية تقدم إلينا عن مصير عثمان بن أبي نسعة رواية أخرى غير التي تقدمها إلينا الرواية النصرانية عن مصير "منوسة"، فهي تقول لنا ان ابن أبي نسعة ولي الأندلس في شعبان سنة ١١٠هـ (٧٢٨ م) واستمرت ولايته خمسة شهور أو ستة ثم عزل، وانصرف إلى القيروان فمات بها (٢). أما " منوسة " فقد مات محارباً، ومات قتيلا كما سنرى.

وعلى أي حال فقد تفاهم دوق أكوتين ومنوسة، وقوت المصاهرة بينهما أواصر الصداقة والتحالف. ذلك أنه كانت للدوق ابنة رانعة الحسن تدعى لامبجيا (أو منينا أو نوميرانا على قول بعض الروايات) فرآها منوسة أثناء بعض رحلاته في أكوتين أو أنه أسرها في بعض غاراته عليها. تقول الرواية: " وكانت لامبجيا أجمل امرأة في عصرها، كما كان منوسة أقبح رجل في عصره، وكانت نصرانية متعصبة، ولكن أطماع الوالد غلبت على كل شىء، فارتضى مصاهرة الزعيم المسلم ".

وكما يحيط الغموض بشخصية منوسة، فكذلك يحيط بشخصية لامبجيا وظروف زواجها من الزعيم المسلم، فتقول الرواية مثلا، إن منوسة بعد أن أسر لامبجيا، وشغف بها حبا وتزوج بها، حمل بتأثيرها ونفوذها على محالفة أبيها الدوق ومناوأة حكومة الأندلس، وتقول أيضا إن ابنة الدوق أكوتين التي تزوجها منوسة لم تكن لامبجيا التي اشتهرت بفائق حسنها، بل كانت أختها " منينا " التي كانت من قبل زوجة لفرويلا القوطي أمير أستورية، كما تورد لنا غير ذلك من الأنباء والتفاصيل التي يقع معظمها في حد الأساطير (٣).

وهكذا اجتمعت عوامل الحب والسياسة لتوثيق عرى التحالف بين الزعيم المسلم وبين الدوق أودو. وكان أودو، فضلا عما يهدده من خطر الغزو الإسلامي، يخشى بأس خصمه القوي كارل مارتل زعيم الفرنج، وكذا كان كارل مارتل


(١) راجع نفح الطيب ج ١ ص ١٣٩.
(٢) البيان المغرب ج ٢ ص ٢٨.
(٣) راجع خلاصة الروايات النصرانية والفرنجية في موسوعة Bayle V.IV. والتعليقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>