للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكمها باسم المعتمد وموافقته، واستمر في حكمها حتى استولى عليها المرابطون (١) والثانية، هي أنه لما عبر أمير المسلمين يوسف بن تاشفين إلى الأندلس للمرة الثانية في سنة ٤٨١ هـ (١٠٨٩ م)، استجابة لصريخ أمراء الطوائف، ولاسيما أصحاب القواعد الشرقية، لقمع غارات النصارى في شرقي الأندلس، والقضاء على مركز عدوانهم في حصن لييط (أليدو) الواقع بين مرسية ولورقة، وتعاونت القوات الأندلسية مع القوات المرابطية في محاصرة الحصن المذكور، كان ابن رشيق ضمن الأمراء الذين اشتركوا في الحصار بقواتهم. ولما انتهى هذا الحصار بالفشل، وهمت الجيوش الأندلسية بالعودة إلى بلادها، شكى المعتمد ابن رشيق إلى أمير المسلمين يوسف، واتهمه بالتحالف سراً مع النصارى، ومعاونتهم على الصمود في الحصن، هذا فضلا عن كونه كان مغتصباً لولاية مرسية منه، وطلب تسليمه إليه، لمعاقبته، واستشار يوسف الفقهاء في الأمر، فوافقوا على طلب ابن عباد، وأمر يوسف بتسليمه ابن رشيق مع اشتراط الإبقاء على حياته، وارتدت القوات المرسية غاضبة إلى بلدها. وحمل ابن عباد معه ابن رشيق إلى إشبيلية، واعتقله هناك، ولكنه فر غير بعيد من سجنه، وعاد إلى مرسية، وعاش بها حتى توفي. واستولى المرابطون على مرسية في شوال سنة ٤٨٤ هـ (أكتوبر ١٠٩١ م). واستولوا في نفس العام على معظم أعمالها (٢). وهنا يقدم لنا ابن الخطيب رواية أخرى، هي أن ابن رشيق نزل من تلقاء نفسه عن مرسية لأمير المسلمين يوسف بن تاشفين، حين جوازه الثاني إلى الأندلس وهو ما يدل بأن ابن رشيق كان عندئذ هو المتولي حكمها (٣). وكان القائد ابن عائشة أول حاكم لمرسية من المرابطين. وكانت مرسية قاعدة لتحركات الجيوش المرابطية، التي حشدت لمقاومة عدوان السيد الكمبيادور، واسترداد بلنسية من قبضته، حسبما فصلنا ذلك في موضعه.

أما ابن طاهر صاحب مرسية السابق، فإنه كان قد استقر عقب فراره حيناً


(١) راجع المغرب في حلى المغرب (القاهرة ١٩٥٥) ج ٢ ص ٢٤٨ و ٢٥٠.
(٢) راجع روض القرطاس لابن أبي زرع (طبعة أوبسالة ١٨٤٣) ص ١٠١، وكذلك دوزي: Hist.; Vol.III.p. ١٣٢-١٣٣ و M. Gaspar Remiro: Murcia Musulmana ; p. ١٣٦ & ١٤٠.
(٣) أعمال الأعلام ص ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>