للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزيره أبى الأصبغ بن أرقم، يشيد فيها بمقام الخلافة الفاطمية وجلالها، ومقام المستنصر بالله. وقد نقل إلينا ابن بسام نص الرسالة المذكورة، ومما جاء فيها على لسان علي:

" فالآن استمد المريد، واستقر الضمير، فتبسم مولى الحضره رياضاً عطراً، وراد روضها زهراً، وشام برقها ممطراً، واستوضح هلالها مبدراً، وارتشف ماءها حضراً، فما الشكر وإن جزل، يوف ثنايا ذلك الإفضال والإنعام, ولا اللسان وإن جفل يتعاطى ذلك الشأو، ولا الأقلام، ولا الطوق يقوم بأعبائها حق القيام. وأي وسع يباري البحر وهو طام، وأي طوق يطيق ركنى شمام. ولو كانت للمولى بالقدر يدان وساعده إمكان، وساعفه زمان، لأم بشخصه كعبة الآمال، واستقبل بقصده قبلة السعة والإقبال، واستلم بيده ركن الإنعام والإفضال .. " (١).

وكان علي يتبع سياسة المودة والتسامح المطلق نحو النصارى، ونحو أمانيهم الدينية، وربما كان ذلك راجعاً من بعض الوجوه إلى ظروف حياته، وإلى نشأته خلال أسره الطويل، بين نصارى سردانية، واعتناق دينهم قبل أن يعود إلى الإسلام. ولدينا في ذلك وثيقتان صادرتان منه، الأولى بوضع سائر الكنائس والبيع التي بمملكة دانية والجزائر تحت رعاية أسقف برشلونة، وأن يتولى هو تعيين سائر رجال الدين الذين يعملون بهذه الكنائس، والثانية بأن يسمح للنصارى المعاهدين في أعمال مملكته، بأن يذكروا اسم أسقفهم في خطبهم ومواعظهم. ولدينا بالأخص النص العربي للوثيقة الثانية، وقد جاء فيه: " أشهده إقبال الدولة، أيده الله، على أنه أجاب غلبرت الأسقف ببرشلونة. إلى أن يكون مذكوراً في خطاب النصارى في بيعهم بجميع أعماله، وهو مما انعقد بالخط الأعلى، وذلك في شوال سنة تسع وأربعين وأربعمائة "، ثم يلي ذلك أسماء الشهود (٢).


(١) الذخيرة، القسم الثالث، المخطوط، لوحة ٦٥ ب وما بعدها، وهي طويلة.
(٢) تحفظ هذه الوثيقة بمحفوظات مكتبة الفاتيكان برومة. وراجع نصها الكامل في بحث الأستاذ شاباس السالف الذكر عن مجاهد وابنه علي في كتاب: Estudios de Erudicion Oriental, Homenaje a Fr. Codera
وراجع أيضاً في هذا الموضوع A.P.Ibars: Valencia Arabe, p. ١٧٥-١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>