حتى اختاره أهل قرطبة للخلافة، وذلك في ربيع الآخر سنة ٤١٨ هـ، وعندئذ تلقب بالمعتد بالله، ولبث مقيماً في ألبونت مدة عامين وسبعة أشهر، وهو يخطب له في قرطبة. ثم سار بعدئذ إلى قرطبة، ودخلها في ذي الحجة سنة ٤٢٠ هـ، حيث جددت له البيعة، واستمر في كرسي الخلافة عامين آخرين (١).
واستمر عبد الله بن قاسم في حكم إمارته الصغيرة، حتى توفي سنة ٤٢١ هـ (١٠٣٠ م)، فخلفه ولده محمد بن عبد الله الملقب بيمن الدولة، وحكم ألبونت زهاء اثنتى عشرة عاماً. ولم تدون لنا الرواية أية حوادث وقعت في عهده.
ولما توفي في سنة ٤٣٤ هـ (١٠٤٢ م)، خلفه في الحكم ولده أحمد بن محمد بن عبد الله الملقب بعز الدولة، وحكم حتى وفاته في سنة ٤٤٠ هـ (١٠٤٨ م)، فأقام بعض أصحابه للحكم مكانه ولده الطفل محمداً، وكان في نحو السابعة من عمره، وقام بالوصاية عليه جده لأمه المدعو قاسم، وهو الذي دبر ولاية الأمير الطفل. ولكن هذا العمل لم يرق في نظر عبد الله بن محمد عم الأمير الطفل، وأخى والده أحمد، وكان يرى نفسه أحق بالولاية، وتؤازره في ذلك جماعة قوية من الأنصار، فدبروا أمرهم ووثبوا بالوصي قاسم واعتقلوه، وصرف الأمير الصبي إلى حجر أمه، ولما يمض على حكمه بضعة أشهر، وتسلم عبد الله مقاليد الحكم وتلقب بجناح الدولة، أو نظام الدولة وفقاً لرواية أخرى، وتزوج من والدة الصبي أرملة أخيه اتقاء لأطماعها ودسائسها، وسار في حكم الإمارة دون منازع.
واستمر عبد الله بن محمد في حكم إمارة البونت أكثر من أربعين عاماً، ولم تقع في عهده الطويل حوادث ذات شأن، إلا حينما غدت هذه المنطقة كلها فريسة لعدوان السيد إلكمبيادور ومغامراته، حسبما فصلنا ذلك من قبل في تاريخ مملكة بلنسية. ففي سنة ٤٨٢ هـ (١٠٨٩ م) زحف السيد بقواته على إمارة ألبونت وعاث فيها وخرب أراضيها، واضطر صاحبها عبد الله بن محمد إلى الاعتراف بطاعة ملك قشتالة، وإلى أن يؤدي جزية قدرها عشرة آلاف دينار، وذلك أسوة بما فرض على جاره أبي مروان بن زرين صاحب شنتمرية الشرق.
ولما استولى المرابطون على بلنسية في سنة ٤٩٥ هـ (١١٠٢ م)، استولوا