للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا, والتاريخ يقدم صورا لأصحاب حضارات آمنوا بالدعوة الإلهية، ونصروها، وأسسوا لها أمما ودولا، ونشروا الدين في أماكن عديدة١.

جاء في دعوة الأنبياء: "انظر كيف يذكر القرآن قوم هود بأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم نوح، ويذكر قوم صالح بأنه جعلهم خلفاء من بعد عاد، ومكنهم في الأرض، وجعلهم أصحاب حضارة وقوة، وذلك أسلوب من أساليب التربية، وضرب من ضروب الدعوة والعظة، يبين فضل الله عليهم بأن عمهم بإحسانه، وجعلهم أجلاء عظماء في شئون الحياة، ووسائل العمران، ولا ينبغي لمن كرمهم الله هذا التكريم أن يلوثوا أنفسهم بالمعاصي، بل اللائق بهم أن يكرموا أنفسهم حيث أكرمهم الله تعالى".

ويقول: "وكثيرا ما انتفع الناس بالدعوة من ناحية ما في نفوسهم من عظمة، تراهم يعفون عن المحرمات؛ لأنها لا تليق مع عظمتهم، ولا تتناسب مع منزلتهم في الحياة"٢.

وقد نجح بعض الدعاة باتباع هذه الطريقة التي تحتاج أولا إلى اكتشاف الاستعدادات النفسية، والظروف الاجتماعية، وكرم الأصل والآباء، وركزوا عليها، وقالوا للمسرف: لا يليق بك أن تجاري السفلة في معاصيهم، وكيف تكون سافلا, وأبواك لهما من المجد والخلق ما يعلمه الناس، لا بد أن ترفع اسم أبيك، وتلزم نفسك وأهلك، وانظر إلى المستقبل البعيد واعمل له..

إنه منهج سديد بعون الله تعالى ...


١ من أمثلة ذلك التتار؛ فقد أسسوا الخلافة العثمانية بعد إسلامهم.
٢ دعوة الرسل ص٢٨.

<<  <   >  >>