للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشاء الله تعالى أن يبنى مسجد في الأرض، على أساس المسجد الحرام الذي بنته الملائكة أول مرة، فعرف إبراهيم بمكانه، وأمره أن يشيده فيه، بمساعدة ولده إسماعيل، فذهب إبراهيم إلى مكان البيت الذي أظهره الله له فوق أكمة مرتفعة, بجوار زمزم وأخذ في البناء، يقول الله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} ١, وقال تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} ٢، وقال تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ٣.

فكان إبراهيم -عليه السلام- يبني البيت، وإسماعيل يأتيه بالحجارة، ولما ارتفع البناء، وضع إسماعيل حجرا ليقف عليه إبراهيم -عليه السلام- فغاصت قدمه فيه، وكان هذا الحجر ملصقا بحائط الكعبة إلى عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فأخره رضي الله عنه عن البيت قليلا؛ لئلا يشغل الطائفون المصلين عنده، ووضعه حيث مكانه الآن.

إن المسلمين الصادقين، أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- هم أولى الناس بإبراهيم؛ لأن محمدا -صلى الله عليه وسلم- دعا إلى ما دعا إليه إبراهيم, عليه السلام.

وقد جعل الله تعالى الحج فريضة إسلامية؛ ليعيش المسلمون ذكريات إبراهيم, وإسماعيل، وهاجر، وهم يعبدون الله ليقتادوا بهم في الطاعة والانقياد.

كما أن المسلمين في كل مكان يتجهون إلى البيت الحرام في صلواتهم كل يوم إيمانا بالله، وارتباطا بهذه الذكريات.


١ سورة الحج آية: ٢٦.
٢ سورة البقرة آية: ١٢٥.
٣ سورة البقرة آية: ١٢٧.

<<  <   >  >>