للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحتى لا يتصور أحد أن الإنسان غير مسئول عن دعوة آبائه لمقامهم ومنزلتهم، بل هو بذلك يعد مسئولا إن ترك دعوتهم وإرشادهم.

وقد تناول القرآن الكريم دعوة إبراهيم -عليه السلام- لأبيه في قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا، إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا، يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا، يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا، يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} ١.

هذه الآيات قد وضحت الكثير عن إبراهيم -عليه السلام- وعن دعوته؛ لأنها بينت:

- أخلاقه, عليه السلام.

- ومنهجيته في دعوة الأقربين.

- ووسيلته وأسلوبه في دعوته أباه.

أما أخلاقه -عليه السلام- فهي أخلاق الرسول الداعية، إنه محب لأبيه يمتلئ قلبه خوفا من أي أذى يلحقه، ولو كان مسا خفيفا رقيقا؛ ولذلك فهو ينصحه، ويحاول معه أن يثير دوافع التدبر، والتفكير بكل رفق، وهو -عليه السلام- يقدر أباه، وينزله منزلته، فيبدأ حديثه باللفظ المعبر عن التقدير والإخلاص، ومناداته بقوله: {يَا أَبَتِ} ، ويكرره إبرازا لأدبه وحسن خلقه، ومن المعلوم أن في النداء تعظيما، وفي لفظ الأب حنانا وقربى.


١ سورة مريم الآيات: ٤١-٤٥.

<<  <   >  >>