للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن هذا السؤال يبحث عن معرفة حقيقة الآلهة، وقدرتها، ومدى صلاحيتها لأن تؤله وتعبد، لكن القوم هربوا من الإجابة، وردوا على إبراهيم بأنها مواريث الآباء، وأنهم مقلدون لهم، قالوا له: {وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ} ١, {وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} ٢.

فانتقل بهم إلى أسئلة أخرى لكشف عجز الأصنام والأوثان، حتى يبعدهم عن تأليهها، وعبادتها، قال لهم: قال تعالى: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} ؟ ٣، {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ، أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} ؟ ٤, {أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ} ؟ ٥.

وهذه الأسئلة تشير للإجابة البدهية التي تؤكد هوان معبوداتهم، وضلال معتقدهم, وخطأهم؛ لأن ما يصنعه الإنسان بيده حادث، ولا يجوز أن يكون الحادث المصنوع إلها أبدا.

وكذلك فمن الأمور المسلمة لديهم أن الأصنام والأوثان، لا تسمع، ولا تبصر، ولا تشعر، إنها لا تضر، ولا تنفع، فهي جماد لا يتحرك، صماء لا تعقل، عاجزة عن فعل أي شيء مهما كان ضئيلا، فكيف بعد ذلك تعبد من دون الله تعالى؟

ومرة أخرى يحاولون صرف إبراهيم عن قضية رسالته، فيقولون له: {أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ} ٦.

والمقلدون في مقالتهم هذه يتصورون إبراهيم -عليه السلام- لاهيا، عابثا، يلعب معهم بمقالته لهم، وليس هو كذلك أبدا!!


١ سورة الأنبياء آية: ٥٣.
٢ سورة الشعراء آية: ٧٤.
٣ سورة الصافات آية: ٩٥.
٤ سورة الشعراء الآيات: ٧٢, ٧٣.
٥ سورة الأنبياء آية: ٦٦.
٦ سورة الأنبياء آية: ٥٥.

<<  <   >  >>