للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الزمخشري: "ما أقبح التقليد، وما أعظم كيد الشيطان حين يستدرج المقلدين إلى تقليد آبائهم في عبادة الأوثان، وهم يعتقدون أنهم على شيء، مجادلون لأهل الحق عن باطلهم"١.

فانتقل عليه السلام بعد ذلك إلى التفصيل في بطلان عقيدتهم؛ لأن الإله المعبود يجب اتصافه بالحياة، والسمع، والبصر، والعلم، والإرادة، والقدرة، وبكافة صفات الكمال ليسمع الدعاء، ويجيب المضطر، ويرزق الناس، ويسير الكون كله بإرادته وقدرته، ويعلم كل شيء مهما كان خافيا، ويملك أمر الدنيا والآخرة؛ ليصرف الحياة، ويحاسب الناس، ويجازي المحسن بإحسانه خيرا، ويعاقب المسيء على إساءته عذابا وضرا.

تؤكد البداهة العقلية ضرورة تميز الإله الحق بهذه الصفات؛ ولذا وضح إبراهيم لقومه أن أصنامهم لا تملك أية صفة من هذه الصفات، قال تعالى: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ٢.

فبين لهم عليه السلام بأن معبوداتهم مصنوعة بأيديهم، واتخاذها آلهة تعبد بأسماء معينة من اختراعاتهم وأكاذيبهم، وهي لا تملك عطاء، ولا تقدر عليه، وهي في وجودها محتاجة لغيرها.

فكيف تعبد إذًا؟!! ولِمَ تخشى وتتقى إذًا؟!!

إن الله -سبحانه وتعالى- هو الإله الحق، يدعوهم إبراهيم إلى عبادته وحده، ونبذ كافة الشركاء من دونه؛ لأنه سبحانه متصف بكل كمال يليق به، فهو سبحانه وتعالى


١ تفسير الكشاف ج٢، ص٥٧٥.
٢ سورة العنكبوت آية: ١٧.

<<  <   >  >>