للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال تعالى: {قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} ١.

وهذا أمر يجعل الفتيين يفكران في حقيقة هذا الرب، الذي علم يوسف هذا العلم، وجعله يتميز عن سائر الناس، إنه علم غيبي نافع، وكأني بهم يسألون: من هذا الرب؟ وهل هو غير إله المصريين, ومن أتباع هذا الرب؟

يتابع يوسف -عليه السلام- حديثه عن دينه فيقول للفتيين، ما حكاه الله تعالى: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ، وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} ٢.

فيعرف مستمعوه من مقالته أنه ليس على دين الرعاة؛ لأنهم لا يؤمنون بالله حقا، ولكنه على دين آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وهم الرسل المشهورون بالصدق، وتعليم قومهم الدين الحق.

وعرفهم أن دينه ودين آبائه يقوم على التوحيد، وإبطال الشرك، وعبادة الله وحده؛ لأنه لا يليق بعاقل أن يعبد آلهة يتخذها من الحجر، أو الشجر، أو المعادن, أو من غيرها.

وأخذ يوسف بعد ذلك في بيان أدلة التوحيد، وأدلة إبطال الشرك بصورة مقارنة وسهلة، قال لهم كما قال تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} ٣.


١ سورة يوسف آية: ٣٧.
٢ سورة يوسف الآيات: ٣٧, ٣٨.
٣ سورة يوسف آية: ٣٩.

<<  <   >  >>