للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكثير من الآباء يهملون توجيه الأبناء في طفولتهم، ظنا منهم أن الوقت لم يحن بعد للتوجيه، والإرشاد، فيتركون الأطفال يلعبون، ويأخذون من هنا ومن هنا، ويفاجأ الآباء بأبنائهم يتمردون على القيم الحسنة، والأخلاق الطيبة، بسبب إهمالهم، وتربيتهم في الوقت المناسب.

لقد أثبت علم النفس أن الطفل يبدأ في اكتساب الخلق والسلوك بعد مولده مباشرة، من أمه وأبيه؛ ولذلك وجب على الآباء أن يعايشوا أبناءهم ويقتربوا من مشاكلهم وقضاياهم، فهم مسئولون عن أبنائهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه، حفظ أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته" ١, ويقول صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول" ٢.

ولذلك نعيش مع يعقوب -عليه السلام- وهو يحنو على يوسف، ويحاوره، وينصحه، وكان توجه يوسف إلى أبيه تلقائيا يقص عليه ما رأى، ويسعد برأيه وتوجيهه.

استمع يعقوب لرؤى يوسف الصغير، ولم يعلق عليها بتفسير، وإنما أدرك منها المنزلة العالية التي سينالها يوسف من بين إخوته، ولذلك نصحه بأمور محددة:

الأول: لا تخبر إخوتك بالرؤيا حتى لا يتآمروا عليك، ويتخلصوا منك، حسدا وحقدا، من عند أنفسهم؛ لأن النفس أمارة بالسوء، وهذه حقيقة بشرية، حيث تتملك النفس غير المؤمنة، أنانية طاغية، تدفعها لارتكاب أعمال سيئة، ضد من يتمتع بنعم وافرة، وخير واضح؛ ولذلك يحسن بالإنسان المؤمن إذا أتاه فضل من الله أن يستره ويخفيه؛ لأن المحروم من هذا الفضل يتحول إلى حاسد، حاقد.

وقد رأى يعقوب من بنيه مدى ألمهم، من تصورهم أن يوسف أحب إليه منهم؛ ولذلك كان تحذيره.


١ صحيح ابن حبان.
٢ سنن أبي داود.

<<  <   >  >>