والقرآن في قصصه يتخير من الأحداث ما يحقق غرضه؛ ولذلك نراه يسكت عن أحداث ومواقف، ويكتفي بغيرها، ومع ذلك تستمر جاذبيته ويبقى تأثيره، يقول الشيخ محمد عبده:"إن قصص القرآن الكريم لم يقصد سرد الوقائع مرتبة حسب أزمنتها، وإنما المراد بها الاعتبار والعظة، ببيان النعم متصلة بأسبابها، لتطلب بها، وبيان النقم بعللها لتتقى من وجهتها، ومتى كان هذا هو الغرض من السياق فالواجب أن يكون ترتيب الوقائع في الذكر على الوجه الذي يكون أبلغ في التذكير، وأدعى إلى التأثير"١.
إن على الدعاة أن يستفيدوا بقصص القرآن الكريم من ناحيتين:
أولاهما: الاستشهاد بمقاطع من القصة في دعوتهم الناس، كمقطع العفة في حياة يوسف -عليه السلام- لأن هذا الاستشهاد يعد دليلا عمليا، عاشه الناس في عالم الواقع؛ ولذلك فهو بعيد عن الخيال، والأحلام.
والثانية: الاستفادة بالقصة القرآنية كرمز يساعد على توضيح المراد، ومعالجة الواقع، من غير حساسية أو تجريح؛ لأن ربطها بالقرآن الكريم يعد إبرازا لمبدأ مقرر شرعا.
لقد ألف الفيلسوف "بيدبا" كتابه "كليلة ودمنة" على ألسنة الحيوانات والطيور؛ ليصلح به الناس بعيدا عن الإثارة والتصادم، وقد استطاع تحقيق هدفه بهدوء، ولم يغضب أحدا.
والقصة القرآنية حين تخرج من جو القرآن الكريم يكون لها من السحر، وقوة التأثير، وسرعة التصديق ما ليس لغيرها من كلام الناس.
إن القصة مليئة بالتوجيهات المعبرة، والدروس المفيدة، وعلى الدعاة أن يستفيدوا من منهجية القصة، ويسلكوا مسلكها في الدعوة والتوجيه.