للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحد، تبني ولا تهدم، تشيد الخير، وتقوض الفساد ولا تتناقض الآراء لرواد المجتمع الواحد ... وذلك لا يكون إلا بتولي يوسف الأمر كله، وقد تم له ما أراد، حيث ترك الملك له كل شيء، وتمكن يوسف من كل شيء.

وبهذا, لا لوم عليه في طلب الرئاسة, وتزكية النفس، وللمسلم أن يطلب رئاسة يقدر على الوفاء بها بطرق يرضى بها المجتمع الذي يعيش فيه، حتى إذا ما استجيب له يقوم بدوره مع الناس متآلفا، ودودا.

الحقيقة الثالثة: "تمني الموت"

في نهاية قصة يوسف -عليه السلام- نقرأ قوله تعالى: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} ١.

فقد سأل عليه السلام ربه حينما تمت النعمة عليه باجتماعه بأبويه وإخوته, وبما من الله عليه بالنبوة والملك ... دعا ربه أن يديم عليه نعمته في الآخرة, وأن يتوفاه مسلما، وأن يلحقه بالصالحين من إخوانه النبيين والمرسلين عليهم صلوات الله وسلامه.

والسؤال هنا:

هل يجوز ليوسف -عليه السلام- أن يتمنى الموت وهو صحيح؟

وهل يجوز لأتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- هذا التمني؟

إن تمني الموت لا يجوز مطلقا، لا ليوسف، ولا لأي مسلم آخر.

ولذلك قال المفسرون: إن يوسف -عليه السلام- طلب ذلك حين حضرته الوفاة، أو إنه طلب من ربه أن يتوفاه على الإسلام يوم يحين أجله، وذلك كما يقول الرجل وهو يدعو: اللهم أحيني مسلما، وأمتني مسلما.


١ سورة يوسف آية: ١٠١.

<<  <   >  >>