للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنبت الله عليه شجرة من يقطين، واليقطين كل شجر ممتد على الأرض لا ساق له، وورقه كبير، ولذلك قال بعض المفسرين: أنبت الله عليه شجرة من القرع لكثرة ظلها، وصلاحية أكل ثمرها من أول طلوعه إلى آخره، ونفعه للطعام، والدواء، وعدم اقتراب الذباب منه، وهيأ الله لـ "يونس" دابة جبلية تسقيه من لبنها.

وصار على هذا الحال حتى أصبح سليما، معافى، قويا.

وأتم الله عليه نعمته, فكلفه بالرسالة مرة أخرى، وأرسله لقوم صدقوا به وأطاعوه، يقول تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} ١، ولا مانع أن يكونوا قومه السابقين، وحينئذ تكون دعوتهم من قبيل التذكير.

ومن الممكن أن يكونوا قوما آخرين مع قومه وهو الأولى، والله أعلم ...

ما نزل بـ "يونس" -عليه السلام- تمحيص وتأديب؛ ولذلك كانت رحمة الله معه، وجرت أقدار الله لتحقيق مراده سبحانه وتعالى، في إعادته لدعوة الناس، بعدما عاش هذه المدة سجينا في بطن الحوت.

ولا ينبغي لأحد من الناس أن يتصور نقصا بـ "يونس" -عليه السلام- فهو رسول الله -عليه السلام- يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه عنه ابن عباس -رضي الله عنه- يقول: "ما ينبغي لعبد أن يقول: إني خير من يونس بن متى" ٢.

ويقول الحافظ ابن حجر: "خص يونس بالذكر لما يخشى على من سمع قصته أن يقع في نفسه تنقيص له, فبالغ في ذكر فضله لسد هذه الذريعة"٣.


١ سورة الصافات الآيات: ١٤٧, ١٤٨.
٢ صحيح البخاري, باب {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} ج٦ ص٤٥٠.
٣ فتح الباري ج٦ ص٤٥٢.

<<  <   >  >>