للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحدث شعيب مع ابنتيه، وموسى جالس تحت ظل شجرة عند البئر، يدعو الله تعالى أن يرزقه من الخير ليعيش عابدا، يتمكن من أداء ما وجب عليه، عن ذلك يقول الله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} ١.

واستجاب الله لموسى دعاءه، وفكر شعيب في إحضار موسى ليعلم شأنه، ويكافئه على مساعدته لبناته، ويشكره على مروءته، ويتفق معه ليعمل عنده وفق شروط يرتضونها، فأرسل إحداهما لإحضاره، يقول الله تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} ٢.

أرسل شعيب إحدى بناته إلى موسى، فجاءته ساترة وجهها بكُمّ درعها، وأبلغته دعوة أبيها ليذهب معها؛ ليعطيه أجر ما سقى لهما، فذهب معها، وقال لها: كوني ورائي، ودليني على الطريق يمينا أو يسارا، فإني لا أنظر أدبار النساء، فتيقنت من أمانته، كما رأت من قبل شهامته وقوته. وصل موسى إلى شعيب، وجلس معه، وحدثه في كل شئونه، وروى له كافة الأحداث التي تركها في مصر من قتل الأبرياء، وتسخير الضعفاء، واضطهاد المساكين, فقال له شعيب: أنت الآن


١ سورة القصص الآيات: ٢٣, ٢٤, والأمة: هي الجماعة، من دونهما أي: بعيدا عنهما، {تَذُودَانِ} بمعنى: تمنعان، {يُصْدِرَ} بمعنى: ينتهي.
٢ سورة القصص الآيات: ٢٥, ٢٦.

<<  <   >  >>