للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالثة: اختاره الله للرسالة، وكلفه باستماع الوحي، فوقف موسى -عليه السلام- وأخذ يستمع. روي عن وهب بن منبه، أنه قال: من أدب الاستماع سكون الجوارح، وغض البصر، والإصغاء بالسمع، وحضور العقل، والعزم على العمل, وذلك هو الاستماع كما يجب لله تعالى، وهو أن يكف العبد جوارحه، ولا يشغلها، فلا يشتغل قلبه عما يسمع، ويغض طرفه فلا يلهو قلبه بما يرى، ويحضر عقله فلا يحدث نفسه بشيء سوى ما يستمع إليه، ويعزم على أن يفهم، فيعمل بما يفهم١.

قالوا: إن موسى -عليه السلام- لما أمر بالاستماع، وقف على حجر، واستند إلى حجر، ووضع يمينه على شماله، وألقى ذقنه على صدره، ووقف يستمع٢.

الرابعة: أخبره الله أن أول الدعوة توحيد الله تعالى في ألوهيته، وربوبيته، وأسمائه، وصفاته، فهو سبحانه واحد لا شريك له، وهو الواحد القهار.

الخامسة: عرفه بحتمية قيام الساعة، وفيها يحاسب الله الناس جميعا؛ لتجزى كل نفس بما تسعى.

السادسة: حذره الله من أعداء الله في الأرض؛ لأنهم يبذلون أقصى الجهد لصد الناس عن الإيمان، وهم في سعيهم ومحاولاتهم يبدءون بصرف الناس عن الطاعة شيئا فشيئا، ويستمرون معهم حتى يصرفوهم عن الدين بالكلية، وبذلك يكون الهلاك والموت، وعلى موسى أن يحذرهم حتى لا يردى.

تعجب موسى مما رأى، ومما سمع عند من كان يظنه نارا....

لقد جاء يقصد لهبا، ونارا، فأخذ نورا، ورحمة ... وكان يتمنى أن يجد من يهديه لطريق مصر، فهداه الله إلى طريق إنقاذ الناس أجمعين.

سُر موسى بما رأى وبما سمع، وشعر أن الأمر ثقيل، والمهمة شاقة، تحتاج إلى قوة وثقة وإيمان ويقين، فأمده الله تعالى ببعض الآيات التي تمكنه من القيام


١ تفسير القرطبي ج١١ ص١٧٦.
٢ نفس المرجع ج١١ ص١٧٦.

<<  <   >  >>