للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسأذكر منهم ما يلي:

١- سَحَرَة فرعون:

رأينا أن فرعون جمع خِيرَة علمائه وسحرته، من المدن والقرى، وحَشَرَهم في يوم الزينة، على أمل أن يُغلَب موسى وهارون عليهما السلام.

واجتمع السحرة، وأقسموا بعزة فرعون، ربهم وإلههم على النصر، والغلب، ظانين أن موسى وهارون بعض السحرة الكاذبين.

ولما ألقى موسى عصاه رأوها غريبة، عجيبة، في صورة حية حقيقية لها أقدام، ورأس، وبطن، وشاهدوها تبتلع عصيهم وحبالهم التي أعدوها، ودعموها بمختلف حيلهم، وطرقهم ... لما رأوا ذلك علموا صدق موسى في رسالته، فسجدوا لله، واتبعوا موسى مؤمنين بربه، ولما يتأثروا بتهديد فرعون, قال تعالى: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} ١، وصلبهم فرعون، وقطع أطرافهم، وانتقلوا من دار الفناء إلى دار الخلد والبقاء، في الفردوس الأعلى عند مليك مقتدر.

وقد اختلف المؤرخون في عددهم، يذكر المكثرون أنهم كانوا أكثر من عشرة آلاف وأوصلوهم إلى ثمانين آلفا، والمقلون يذكرون أنهم كانوا أربعين رجلا٢.

والعقل يميل إلى القلة العددية؛ لأنهم لو كانوا ثمانين ألفا لكونوا جيشا وقوة تقاوم عدوان فرعون، ولفتكوا به، ولو تمكن منهم فرعون لاستغرق في تعذيبهم وقتا طويلا، مع أن المؤرخين والمفسرين يذكرون أن فرعون قتلهم وصلبهم في يوم واحد.

وعلى ذلك فعدهم بالعشرات أو بالمئات، أولى من القول بكثرتهم.


١ سورة طه آية: ٧٢.
٢ البداية والنهاية ج١ ص٢٤٥.

<<  <   >  >>