للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعلموا أن الكذاب، المكثر في الإفك، لن يوفقه الله للخير أبدا، مهما كان ...

ب- ثم انتقل إلى مسألة ثانية، وهي قضية الملك، قال تعالى: {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} ١.

وفي هذه المسألة يوضح لهم أن الملك بيدهم الآن، وهم به ظاهرون في الأرض وعلى الناس، وهذا أمر يجب أن يحافظوا عليه، وعليهم أن يفكروا في بأس الله الذي خوفهم منه، من ناحية كيفية مواجهته، والانتصار عليه، في حال صدق موسى، ولن يقدر عليه أحد لأنه من الله تعالى ...

في هذه المسألة يضع نفسه معهم، في حال مجيء بأس الله، وهو إظهار لحرصه عليهم، وعلى الملك الذي جعله لهم خاصة من دونه. إنه يُوقِظ عقولهم أمام حقائق الحياة، حتى لا يستمروا في أمانيهم وأحلامهم، التي لا تتصل بحقيقة الوجود، وحركة الحياة.

وقد رأى فرعون خطورة حديث الرجل؛ لأنه يلامس العقل المجرد، ويعرض المسألة كما هي واضحة أمام الناس، فأراد أن يصرف الناس عنه، فقال لهم ما تشير إليه الآية في أن الرأي الصائب هو رأيه، وأنه يعمل لمصلحتهم، ورشدهم، وسعادتهم، وعليهم أن يطمئنوا لذلك.

جـ- وبعدها انتقل الرجل إلى مسألة أخرى، وهي خوفه على الناس من عذاب الله أن يحل بهم في الدنيا، قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ، مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} ٢، إنه يذكرهم بأحداث الأمم التي سبقتهم، فقد


١ سورة غافر آية: ٢٩.
٢ سورة غافر الآيات: ٣٠, ٣١.

<<  <   >  >>