للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعبدوه، واتخذوه إلها، وادعوا أن موسى نسيهم عندما خرج للقاء ربه. يصور الله عبادة الإسرائيليين للعجل، فيقول تعالى: {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ، فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} ١.

والسامري هذا، رجل مصري كان يعبد البقر، دخل في دين موسى ظاهرا، وقيل: هو إسرائيلي، من قبيلة تعرف بالسامرة في بلاد الشام٢، والأوزار التي حملوها معهم من مصر، هي ذهب المصريات استعارته الإسرائيليات منهن، وهربن به.

وعبد الإسرائيليون العجل، وأخذوا يرقصون حوله، ويلعبون، وتحققت أمنية لهم، رجوها طويلا من قبل، ولم يفكروا في هذا الإله البقرة، مع أنه لا يتكلم معهم ولا يرد عليهم، ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا.

إنهم بعبادتهم للعجل أكدوا طباعهم الوثنية، وبرهنوا على تعودهم نقض المواثيق، فلقد عاهدهم موسى -عليه السلام- على ضرورة الاستقامة على دين الله وطاعته، وأن يتجنبوا أية مخالفة وهو غائب عنهم.... ولكنهم لم يخالفوا في جزئية، بل تركوا الدين بالكلية، يقول الرازي في تفسيره: "إن القوم كانوا من الجهالة، بحيث اعتقدوا أن ذلك العجل المعمول في تلك الساعة هو الخالق للسموات والأرض، وكانوا في نهاية البلادة والجلافة؛ لتصديقهم أن صوت البقرة "الخوار" يناسب مقام الألوهية"٣.


١ سورة طه الآيات: ٨٧, ٨٨.
٢ تفسير القرطبي ج١١ ص٢٣٣، ٢٣٤.
٣ تفسير الرازي ج٢٢ ص١٠٤.

<<  <   >  >>