وقال رحمه الله:"إن تصور رجوع عدد يقرب من ستمائة ألف عن الدين الحق، دفعة واحدة، إلى عبادة العجل، ثم رجوعهم إلى الدين الحق بعد رجوع موسى إليهم؛ تصور عجيب يؤكد بلاهتهم، وتعودهم على الاستعباد والتبعية للأقوى، واستهانتهم بالأضعف، ويشير إلى عنصريتهم التي جمعت هذا العدد الضخم في الكفر وفي الإيمان"١.
وفي اتخاذ الإسرائيليين للعجل إلها, برهان على عنصريتهم الضالة، فلقد عاشوا مع المصريين، ولم يكونوا مثلهم في الدين، ولم يعبدوا العجل معهم ... أما أن يأتيهم الضلال من رجل منهم، فهو أمر سهل، وطاعته في الضلال أمر محبب إليهم.
وقد أخبر الله موسى -عليه السلام- أن قومه وقعوا في فتنة الكفر، وأضلهم السامري في الدين، فرجع إلى قومه مسرعا, وهو حزين غاضب، يتملكه الندم والحسرة على هؤلاء الناس، الذين تركوا عبادة الله إلى عبادة البقر، ووجد نفسه أمام ثلاثة أطراف، أخذ يسائلهم عن هذا العبث, وهم:
- الإسرائيليون.
- أخوه هارون عليه السلام.
- السامري.
وكان له مع كل منهم حوار, نلخصه في الآتي:
أ- موسى والإسرائيليون:
رجع موسى إلى قومه ومعه الألواح، فلما رأى الإسرائيليين يسجدون للعجل, ويعبدونه ألقى الألواح فانكسرت, وقال للإسرائيليين:{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا}