للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن موقف موسى من السامر، يقول الله تعالى: {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ، قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي، قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا، إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} ١.... وقد ذهب العلماء في تفسير قوله تعالى: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا} ٢ مذاهب شتى٣، والراجح أن معناها: أخذت جزءا من تعاليم موسى الخاصة بالتوحيد، وأبعدتُها عن الإسرائيليين حتى لا يتمسكوا بها، فيسهل إضلالهم، وخداعهم٤.

يقول الشيخ عبد الوهاب النجار: إن السامر خدع بني إسرائيل، وأخذ منهم الحلي، وبصر بعجل من العجول التي تعبد في مصر، ولم يبصره غيره، فجاء به إلى الإسرائيليين، وقال لهم: هذا إلهكم جئتُ به بدل حليكم لتعبدوه، فانخدعوا، وصدقوا، وعبدوا، وعلى هذا يكون العجل حيوانا عاديا ... ويكون معنى قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ} ٥.

إن بني إسرائيل اتخذوا بدل حليهم عجلا مجسدا له صوت، وعبدوه٦، فمعنى {مِنْ حُلِيِّهِمْ} "بدل حليهم", والمراد بالمبصر العجل الذي رآه السامري.


١ سورة طه الآيات: ٩٥-٩٨.
٢ سورة طه آية: ٩٦.
٣ انظر هامش ص٣٢٨.
٤ تأويل أبي مسلم الأصفهاني ص٢١٧.
٥ سورة الأعراف آية: ١٤٨.
٦ قصص الأنبياء ص٢٢٠.

<<  <   >  >>