للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنه إن خرج سيتبعه فريق، ويبقى فريق، وربما تقاتلوا، وحينئذ أكون سببا في فرقتهم مع أنك أمرتني أن أبقى بينهم، وأدعوهم إلى الله تعالى.

ويبين هارون أن القوم استهانوا به، وتصوروه ضعيفا، وكادوا أن يقتلوه حين نهاهم عن عبادة العجل.

وينهي هارون حديثه مع أخيه برجاء عدم فعل أي شيء يتصوره الكفار عقوبة, أيا كانت صورها، يقول تعالى: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} ١.

وبعد اتضاح موقف هارون أمام موسى -عليهما السلام- توجه موسى إلى الله داعيا لنفسه ولأخيه بالمغفرة والرحمة, قال تعالى: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} ٢، وفي تحقيق هذا الدعاء غاية المنى؛ لأن المغفرة تحقق الستر والصفح عما وقع، والرحمة تحقق العون، والتوفيق والنصر، والهداية الدائمة.

ج- موسى والسامري:

اتجه موسى -عليه السلام- إلى السامر، وسأله عن الذي حمله على فعل ما فعل، فأجابه بأن نفسه زينت له ذلك، فقال له موسى: اخرج من بيننا، وابتعد عن الناس حتى لا يلقاك أحد، وانظر إلى العجل الذي ألهته، ولازمت عبادته؛ لأننا سنحرقه، ونلقيه في البحر ترابا يذوب في الماء، واعلم أيها الضال أن الإله الحق هو الله الذي وسع علمه كل خلقه، يتصرف كيف يشاء، وله الأمر كله، وإليه مرجع الخلائق أجمعين ...


١ سورة الأعراف آية: ١٥٠.
٢ سورة الأعراف آية: ١٥١.

<<  <   >  >>