للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويذهب القشيري١, وغيره إلى أن الخضر ليس نبيا، وحجة هؤلاء أن الخضر نفسه لم يخبر موسى -عليه السلام- بأنه رسول من الله، ولم تثبت نبوته بدليل قطعي ... وأقصى ما يقال فيه أنه ولي من أولياء الله الصالحين، والأولياء عباد صالحون لله تعالى، والمراد من الرحمة الولاية، وللولي كرامات خارقة للعادة تكريما له، وتأكيدا على صلاحه, والعبودية اسم لكل الآدميين.

وقد اتبع موسى -عليه السلام- وهو رسول, الخضر وهو ولي؛ ليتعلم منه العلم، والتواضع، وتقدير العلماء، وليس بمانع أنه يهب الله للولي علما لم يهبه لرسوله.

وأرى أنه لم يكن نبيا، حيث لا مانع من تفضّل الله على من يشاء من عباده، بما يشاء، وفق حكمته وعلمه، والرحمة تفيد معنى النبوة، والولاية، والنعمة، وليس معنا دليل يخصص واحدة دون الأخرى.... وكونه وليا أقوى في معاتبة موسى، وأحسن في توجيهه؛ ليتعلم منه مع كونه أقل منه، ويستفيد ضرورة التواضع، وبذلك الجهد في تحقيق الأماني الطيبة، والغايات المشروعة، ولا يصح أن ننسب النبوة لشخص إلا بدليل قطعي، ولا دليل هنا.

وسمي الرجل بالخضر؛ لأنه جلس على فروة بيضاء فصارت خضراء، يروي الترمذي بسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنما سمي الخضر بهذا الاسم؛ لأنه جلس على فروة بيضاء فاهتزت تحته خضراء" ٢.

الأمر الثاني: حياة الخضر وموته

ذهب بعض الناس إلى القول بأن الخضر حي إلى الآن، وأنه التقى مع بعض المتصوفة، وأنه موجود في كل زمان، ودائما هو ينتقل من مكان إلى مكان٣.


١ انظر شرح النووي على صحيح مسلم ج١٥ ص١٣٦.
٢ سنن الترمذي, كتاب التفسير, باب من سورة الكهف ج٥ ص٣١٣.
٣ شرح النووي على صحيح مسلم ج١٥ ص١٣٦.

<<  <   >  >>