للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا كلام لا أصل له، ولا دليل عليه، بل الأدلة تردّه، وهي:

الدليل الأول: يقول الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} ١، والآية صريحة في الدلالة على أن البشر جميعا يموتون ولا يخلدون، والخضر من البشر, فموته مقرر ثابت.

الدليل الثاني: يقول الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} ٢، والآية تؤكد أن الله تعالى أخذ الميثاق على كل نبي، أن يؤمن بمن يجيء بعده من الأنبياء، وينصره ... وهذا يستلزم أخذ الميثاق عليهم لمحمد -صلى الله عليه وسلم- لأنه خاتم النبيين، فحق على كل من يدركه أن يؤمن به وينصره, فلو كان الخضر حيا في زمانه، لما وسعه إلا اتباعه، والاجتماع به، والقيام بنصره، ولم يثبت بدليل أنه التقى برسول الله، أو اجتمع به٣، والولي هنا كالنبي.

الدليل الثالث: عن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال قبل موته بشهر: "تسألوني عن الساعة، وإنما علمها عند الله، وأقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة، تأتي عليها مائة عام وهي يومئذ حية" ٤، وهذا الحديث يقطع بوفاة الخضر إن لم يكن قبل الإسلام, فقبل مائة العام المذكورة.

الأمر الثالث: المراد بالعلوم اللدنية

إدراك حقائق الأشياء تصور، أو تصديق؛ لأن الإدراك إن تضمن حكما، فهو


١ سورة الأنبياء آية: ٣٤.
٢ سورة آل عمران آية: ٨١.
٣ البداية والنهاية ج١ ص٢٩٩.
٤ صحيح مسلم بشرح النووي, كتاب فضائل الصحابة ج١٦ ص٩١.

<<  <   >  >>