للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تمكن قارون من استقطاب جماعة من قومة اتبعوه، وكانوا معه؛ ولذلك استمروا في مدحه، وإبداء الإعجاب بما هو فيه، وتمنوا أن يكونوا أغنياء مثله, يملكون بعض ما يملكه؛ لأن الله قد أعطاه من الأموال والكنوز ما لم يعط لغيره، يصورها قول الله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} .

فهي لكثرتها تعجز الجماعة من الرجال الأقوياء عن حمل مفاتيح خزانتها، وكان على قارون أن يتجه بالشكر لله تعالى على هذا العطاء، لكنه كفر، وأصابه العجب والغرور.

وقال أتباع قارون المعجبون به: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} ١.

لأنه عند مروره وظهوره، كان يحاط بالخدم، والعبيد، والجنود، والزينة، فتمنى الأتباع هذا لأنفسهم، وكانوا يعجبون بكثرة الأموال التي تعجز العصبة القوية عن حمل مفاتيحها.

إلا أن فريقا من قومه، أخلصوا له النصح، وقالوا له ما حكاه الله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ، وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} ٢، وقد حدد هؤلاء نصحهم لقارون في عدد من النصائح:


١ سورة القصص آية: ٧٩.
٢ سورة القصص الآيات: ٧٦, ٧٧.

<<  <   >  >>