للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} ١. والآية تبين الانحراف الخلقي عند اليهود، فهم يحرفون التوراة، ويؤولونها بغير ما تتأول به، ويعبثون بالوحي، فيقولون: سمعنا وعصينا، ويدعون لعدم الطاعة وعدم السمع، وصرف الناس عن الحق، ويقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: أسمع ولن تسمع، ولن يستجاب لك، وبدل أن يقولوا: راعنا المكونة من فعل الأمر ونا المفعولية، يقولون: راعنا بالتنوين، بمعنى: سفيها، وكانوا يطعنون في الدين، ولو أنهم استقاموا وأطاعوا لكان خيرا لهم ... لكنهم كفروا فلعنهم الله تعالى.

ويقول تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} ٢, والآية نزلت في اليهود حين خوفهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من العذاب، وقال لهم معاذ بن جبل، وسعد بن عبادة، وعقبة بن وهب: يا معشر اليهود، اتقوا الله، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله، ولقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه، وتصفونه لنا بصفته، فقال رافع بن حريملة، ووهب بن يهوذا: ما قلنا هذا لكم، ولا أنزل الله من كتاب بعد موسى، ونحن أبناء الله وأحباؤه، فوجه الله لهم سؤالا وهو: فلم يعذبكم بذنوبكم؟ لأنهم يقرون بهذا العذاب للعصاة منهم ... فإن أجابوا بأنهم لن يعذبوا، فقد تناقضوا، وإن أقروا بالعذاب، فقد كذبوا أنفسهم، والحق أنهم بشر كسائر الناس، وأمرهم إلى الله تعالى٣.

ويقول تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا


١ سورة النساء آية: ٤٦.
٢ سورة المائدة آية: ١٨.
٣ تفسير القرطبي ج٦ ص١٢٠.

<<  <   >  >>