للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} ١ وكذبوا، وضلوا بمقالتهم هذه التي قالوها, حينما قل مالهم بسبب عصيانهم، وقد قال بعضهم هذه المقالة، فلما لم ينكرها الآخرون صاروا كأنهم جميعا قالوها.

ويقول الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} ٢، والآية تبين لونا من ألوان كفر اليهود، حيث يجعلون لله ابنا هو عزير٣، وما كان لهم أن يفعلوا ذلك، لكنه الضلال والكفر ... يقول القرطبي: وأرادوا بالبنوة بنوة النسل، وهذا أشنع الكفر٤.

ويقول الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ٥، وفي الآية رد على اليهود حينما تصوروا أفضليتهم، وقالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، رغم معاصيهم، وقال لهم الله: إن كنتم صادقين في مقالتكم فتمنوا الموت؛ لتعودوا لأبيكم وحبكم، لكنهم لن يتمنوا ذلك أبدا؛ لعلمهم بمعاصيهم، وظلمهم، وكذبهم.


١ سورة المائدة آية: ٦٤.
٢ سورة التوبة آية: ٣٠.
٣ روي في سبب هذه المقالة أن اليهود قتلوا الأنبياء بعد موسى -عليه السلام- فرفع الله عنهم التوراة، ومحاها من قلوبهم, فراح عزير يسيح في الأرض، فأتاه جبريل, فقال له: أين تذهب؟ قال: أطلب العلم، فعلمه التوراة كلها -كرامة له- فجاء إلى بني إسرائيل فعلمهم التوراة، فقالوا: إن هذا لم يتهيأ لعزير إلا وهو ابن الله "تفسير الطبري ج١٤ ص٢٠٢".
٤ تفسير القرطبي ج٨ ص١١٧.
٥ سورة الجمعة آية: ٦.

<<  <   >  >>