للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الدلالات اللغوية لكلمة البلاغ, تشير إلى أهم خصائصه في مجال الدعوة إلى الله تعالى:

- جلاء القضية التي يدعو إليها الرسول، أو الداعية في ذهن المستمع؛ ليعرف حقيقتها، وغايتها، وأهميتها عن أشباهها، وأمثالها، كالدعوة إلى التوحيد حيث ندرك من عرض الرسول لها هذا التميز، لقد كان فرعون يرى أنه الإله الواحد, ويقول: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} ١، لكن دعوة موسى وضحّت وحدانية الله، المتصف بكل كمال يليق بالإله المعبود.

- تحريك عمليات الإدراك العقلي حول القضية موضوع الدعوة، انظر إلى موسى -عليه السلام- وهو يخاطب عبدة الأصنام، لقد أوصلهم بأسئلته إلى أن يقروا له بالصدق، قال تعالى: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ} ٢.

وها هو عليه السلام يخاطب فرعون حتى أصابه بالبهتان، والعجز ... وسبب ذلك أن موسى -عليه السلام- حرك بدعوته عوامل التعقل والتفكير، فعجزوا عن الرد حتى كادوا أن يؤمنوا بموسى ودعوته.

- بذل أقصى الطاقة، وكل الممكن في عملية البلاغ، فليست الدعوة شعارا يرفع، أو عملا للمباهاة والراحة، وإنما هي تكليف يحتاج إلى السعي المتواصل، والعمل الدءوب، والانتقال بالمستمعين من دليل إلى دليل، ومن حجة إلى حجة، عسى أن يصل أحدها إلى شغاف القلب فينفتح، ويدخل في دين الله تعالى.

- الاستفادة بفنون البلاغة المتعددة في عرض موضوع الدعوة بتصوير المعنى، وعرضه في أساليب مختلفة، وتحسينها بالجمال والإبداع؛ لتتمكن المعاني من نفسية المستمع، وتجذبه عاطفيا، وفي البلاغة سحر يشد العقول إليه، وتألفه العاطفة، والوجدان.


١ سورة القصص آية: ٣٨.
٢ سورة الأنبياء آية: ٦٤.

<<  <   >  >>