وقد ورث سليمان الملك والنبوة معا؛ لأنه لو حرم النبوة فقد حرم الخير كله، ولما أمده الله بالمعجزات العظيمة، ذات التأثير الواضح في بناء ملك سليمان -عليه السلام- ولا صحة لمن يثبت له الملك، وينفي عنه النبوة. يقول الكلبي: كان لداود تسعة عشر ولدا، فورث سليمان من بينهم الملك والنبوة، أما المال فقد انقسم على العدد كله.
ووراثة النبوة تعبير مجازي؛ لأن النبوة اختيار إلهي محض، والمراد منها هنا أن الله جعل النبوة له بعد أبيه.
وقد علم الله سليمان منطق من لا يتكلم؛ من طير، ونبات، وحيوان، وجماد، وآتاه كل ما طلب، وأمده بكل شيء تصوره، فضلا من الله ونعمة.
وكان سليمان جديرا بتولي الملك بعد أبيه؛ لحكمته، وحسن تدبيره، وقدرته الفائقة على الفهم، والحكم، والتنفيذ ... وقد أكمل سليمان ما بدأه داود، وشرع في عمارة المسجد كما أوصاه والده، وبنى مدينة "تدمر"، وأقام على بناء الهيكل سبع سنوات، وبنى بيتا للجنود، وأنشأ مصنعا للسلاح، وأسس أسطولا تجاريا كبيرا، يجوب الشرق والغرب، وازدهرت على يديه حضارة ربانية كبيرة، وعاش الإسرائيليون مجدا لم يروه في أي مرحلة من مراحل تاريخهم، ولما بلغ سليمان مبلغ النبوة جاءه وحي الله، فجمع بين الملك، والقضاء، والنبوة كأبيه داود عليهم السلام.