للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول القرطبي: كان سليمان -عليه السلام- لا يقعد عن الغزو، فإذا علم قوما يعادون الله في الأرض أرسل إليهم، واستعد لهم، وسار إليهم غازيا، تحمله الريح إلى حيث يريد، وكان إذا أراد وجهة ما, أحضر فراشا، وجعل عليه الناس، والدواب، وآلة الحرب، ثم يأمر الريح فتحمل الجميع إلى حيث يريد١.

يروي سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان سليمان إذا جلس نصبت حواليه أربعمائة ألف كرسي، فيجمع الإنس والجن جميعا عليها، وتقلهم الريح حيث يشاء٢.

فهل وصلت الإنسانية إلى شيء من هذا؟!

وسيلة نقل جبارة، تنقل المجتمع كله في لحظة واحدة، في يسر، وأمان ... لقد استفاد الإسرائيليون بهذه المعجزة، وصارت الأرض كلها تحت أيديهم يذهبون، ويرجعون حيث يريدون.

يروي المؤرخون أن سليمان -عليه السلام- كان يركب الريح، ويمر على البلاد والقرى، وينزل حيث يريد، بلا مطار يعد، أو استقبالات تجهز، أو نفقات تبذل ... وبذلك استراح الناس، ونهض المجتمع.

إن الحضارة الحديثة تفتخر بعملياتها الاتصالية، وباختراعاتها المتنوعة من طيران وسفن، وأقمار صناعية، وأشكال الاتصالات السلكية، واللاسلكية ... ومع ذلك لا يمكن لأي عقل أن يتصور حضارة اقتربت من حضارة سليمان عليه السلام ... إن جيش سليمان المكون من مئات الألوف كان ينقل بعتاده إلى ميدان المعركة في ساعات قليلة، بدون أدنى جهد، أو حدوث أي خطأ، لم تسقط له طائرة، أو تصطدم بغيرها ... وكانت الريح تحمل له أحاديث الناس وكلامهم.


١ تفسير القرطبي ج١١ ص٣٢٢.
٢ تفسير القرطبي ج١٤ ص٢٦٩.

<<  <   >  >>