للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشهوة، فمن جاهد شهوته، وحكم عقله, وأطاع ربه، فهو أفضل من الملائكة بالمجاهدة، يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} ١، ومن غلبته شهوته فهو أدنى من البهائم، يقول تعالى: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} ٢.

ورأى الإمام الغزالي هو الأولى٣؛ لمصاحبته الدليل، وبتحليل بقية الآراء فإنها ترجع إليه، وكلها تلتقي عند قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ٤.

الركيزة الثانية:

هذا الإنسان الصغير في حجمه، كبير في رسالته، أعطاه الله القدرة على التعامل مع عالم الغيب، وعالم الشهادة، فهو يتعامل مع الله بلسانه، وبقلبه، وبجوارحه، ومع الملائكة يحفظونه ويعاونونه، ويكتبون أعماله جميعا، ومع الجن، ومع الناس، ومع سائر المخلوقات له تعاملات.

إنه يحتاج إلى استعداد يمكنه من النجاح في تعاملاته ...

لا بد أن يكون عبدا لله مخلصا، مهتديا بهدي ربه، ملتزما بشرعه ليتلاءم مع صفاء الملائكة، ويبتعد عن عبث الشيطان، ويحبه أهل الأرض.

وعليه أن يكون مع الناس حليما، كريما، يحفظ لهم أقدارهم، ويتسامح عن أخطائهم، ويعاملهم بما يناسبهم، ويتعلم من الله تعالى أن يسمع ويجيب، فلقد استمع الله لاعتراض الملائكة، وهم يسألون: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} وأجابهم بما يقنعهم، وحاور إبليس بعد أن أبى واستكبر.


١ سورة البينة آية: ٧.
٢ سورة الأعراف آية: ١٧٩.
٣ مدرسة الأنبياء ص١٨، ١٩.
٤ سورة الحجرات آية: ١٣.

<<  <   >  >>