للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شره، فطمأنها، وقال لها: أنا رسول ربك جئت لأهب لك غلاما، طاهرا نقيا، وتسائلت: كيف يكون ذلك بلا زواج، أو سفاح، فأجابها الرسول بأن ذلك قضاء الله وقدره وقد أراد الله من ذلك أن يكون آية للناس، ورحمة من عنده يقول تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا، فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا، قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا، قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا، قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا، قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} ١ ... وحملت مريم، وجاءها المخاض، وهي جالسة عند جذع نخلة، فحزنت من لوم الناس، وعتابهم وتمنت أن تكون قد ماتت قبل هذا اليوم، حتى لا يذكرها أحد بسوء.

وولدت مريم المسيح، وناداها جبريل من أسفلها، لا تحزني، فقد وهب الله لك رجلا عظيما، وسيدا في الناس، وأمرها بأن تهز النخلة لتسقط عليها الرطب تأكل منها، وتعيش، وأمرها كذلك أن لا تكلم أحدا من الناس، وأن تنذر يومها صوما عن الكلام لله رب العالمين، وقيل الذي ناداها هو عيسى عقب مولده.

وجاءت إلى قومها تحمل وليدها، فأخذوا في لومها، وهي لا تتكلم، قالوا لها: لقد جئت شيئا لا يصدقه عقل، جئت بولد تدعين أنه بغير أب، فكيف ذلك، يا أخت هارون، وسليلة الأنبياء ... فأشارت إليه ولم تتكلم لصومها عن الكلام ... قالوا: كيف نتكلم مع وليد صبي ما زال في المهد؟ وسكتوا جميعا، وتكلم الوليد فقال: إني عبد الله: أتاني الله الإنجيل، وجعلني نبيا، وبارك الله لي في كل مكان، وأوصاني


١ سورة مريم الآيات "١٦-٢١".

<<  <   >  >>