إن تاريخ الكائنات الأخرى غير معروف، وما عرف منها فهو بسبب الإنسان الذي أهتم بها، وسجلها، وكتبها كما يكتب لنفسه.
ومن دلالة العقل في الإنسان قيامه بتأسيس حضارات عديدة على مدار الزمن الطويل سواء كانت زراعية، أو صناعية، أو عمرانية ... لقد تمكن الإنسان بواسطة توجهه الفكري، من إنشاء العمران، وبناء السدود، وتشييد المصانع ونحت الصخر والحجر وشق الطرق، وركوب البحر والهواء، وعاش بذلك في مدنيات مزدهرة رأينا أمثلة لها مع عاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وإسماعيل، وبني إسرائيل، وغيرهم.
ومن دلالة العقل في الإنسان: قدرته على التعلم والتعليم، حيث تمكن بإرادة الله من علم أسماء كل شيء، ووضع رمز دال على كل شيء، وكل شخص، ومن ذلك كان طريقه إلى البحث، والدراسة، لكل ما في الكون من حوله، معتمدا على هذه البداية الضرورية، لتحديد كل شيء باسمه، ولولاها لتاهت السبل، وتداخلت الحقائق، ولعجز الإنسان عن تحديد ما يراد بحثه، والنظر فيه.
ولولا عقل الإنسان لعجز عن هذه المعرفة، ولما تمكن من بحث ما يريد، واكتشاف ما يلوح له.
ومن دلالة العقل في الإنسان محافظته على القيم الإنسانية، النبيلة كالعدل، والمحبة والصدق، والبر، والتعاون، والقيم الإنسانية في جملتها خيرة، راقية تنمي الخلق، وتسمو بصاحبها إلى درجة الكمال.... وهذه القيم ليست غامضة في الفكر الإنساني، وليست متقلبة، إنها قيم واضحة وثابتة.
والإنسان بفطرته يدرك هذه القيم، ويحبها، ويعيش بها ولو أهمل الإنسان عقله، وترك أمره لبطنه، أو لشهوته، لتحولت القيم معه إلى صور مادية ضارة، كما فعلها أعداء الرسل على الزمن كله، الذين أفسدوا الحياة، ونشروا الظلم، واعتدوا على الحرمات، وارتكبوا الحرام، فصب عليهم ربك صوت عذاب.