ومن دلالة العقل في الإنسان، اتساع دائرة تفكيره عن المحيط الذي يعيشه، زمانا ومكانا، فالإنسان يعيش في بيئة محددة المعالم، ومع ذلك فإنه يفكر في الماضي السحيق، وفي المكان البعيد، وفي المستقبل الذي لم يقع بعد.
إنه يعيش الماضي عبرة للحاضر، ويعيش الحاضر مستفيدا بتجارب وحضارات الآخرين، ويعيش المستقبل طموحا، وأملا، وتخطيطا، ولولا عقل الإنسان لما تمكن من هذا الانطلاق الواسع عبر الزمان والمكان ومع سائر الجماعات، ومختلف الأجناس.
إن العقل بقوة التخيل فيه يساعد الإنسان على استحضار صورة الماضي مجسدة مصورة، ولو بعد زوالها.... ويقدم له المستقبل في صورة أمنيات، وآمال يسعى لها بالتخطيط والعمل.
وهو -ثانيا: كائن له مع العقل جسد ووجدان، والجسد هو الوعاء الحامل للعقل والوجدان وحياته لهما حياة، وفناؤه لهما انتهاء، والوجدان يختلف عن العقل في أنه قوة غير منضبطة بقاعدة ونظام.
قوة تسبح في عالم خاص بها، وتعيش مع العواطف وعالم اللاشعور، بينما العقل محكوم بالممكن من المدركات، وله نظام ثابت في التفكير، والفهم والاستنتاج.
إن الوجدان يهيم بالجمال، ويسبح في عالم من الرضى ... وإن الإنسان يحب بوجدانه غالبا، ويسعد بعواطفه.
ولولا الوجدان لنفر الناس من أصحاب العاهات، ولما حدث ارتباط روحي متين، بين عديد من الناس.
إن من يجن بسبب موت حبيبته، إنسان يعيش بوجدانه لا بعقله، والإنسان الذي يقدم على الموت في سبيل الله يحيا الدين بعقله، ووجدانه.
إن الإنسان مكون من جسد، وعقل، ووجدان، منذ اللحظة الأولى التي خلقه الله فيها، وقد عشنا الصورة كاملة في خلق آدم وحواء عليهما السلام.