والآيات واضحة في دلالتها على تدين الإنسان لله رب العالمين، فلقد أهبط الله تعالى آدم وحواء عليهما السلام من الجنة إلى الأرض، وأسكن معهما إبليس وذريته، وأنزل على آدم الهدي الإلهي، الذي يصلح به الناس، فمن اتبعه فاز ونجا، ومن خالفه خسر الدنيا والآخرة، وعرف الإنسان منذ بداية البشرية كيف ينتصر إذا أراد الانتصار وكيف ينهزم إذا اختار لنفسه الهزيمة.
وانطوت الفطرة البشرية على ضرورة الخضوع لله رب العالمين، وعند غياب الدين الصحيح، رأينا الإنسان يتخذ لنفسه دينا، يعبد فيه إلها مصنوعا من الحجر، أو الشجر، على صورة إنسان، أو حيوان، ورأيناه كذلك يتقرب لهذه الآلهة المزعومة بالعطايا، والقربات ويطلب منها، ويلجأ إليها، ويستغيث بها عند الحاجة.
إن الإنسان هو المخلوق الوحيد، المسئول عن دين الله في الأرض، ولذا جعله الله خليفته، وبعث إليه رسله عليهم السلام، لتبليغ الدين الحق كلما اختفت تعاليمه، أو حرفها المحرفون من أعداء الله.
وقد استمرت البشرية بعد آدم عليه السلام على الدين الحق، مدة عشرة قرون، وبعدها ظهرت الأصنام، وصار لها كهنة يدعون لها، ويروجون لعبادتها، ورأى جبابرة الأرض أن وضع دين للناس يهيئ لهم السيطرة، والتحكم، هو الطريق الأكثر فائدة لما يريدون، ولذلك اتخذوها آلهة من دون الله، وألهوا أنفسهم، واستعبدوا الناس، واستكبروا في الأرض، وعملوا على القضاء على أي دعوة إلهية ينادي بها رسول من قبل الله في الناس.
ولأن الإنسان مخلوق لله، والدين منزل من عند الله، وجدنا التوافق التام بين الإنسان السوي، والدين الحق، فكلاهما خلق الله، وكل منهما يلتقي مع الآخر، في توافق، وتناغم، وانسجام.