إن الله خلق الإنسان مكونا من جسد وعقل، ووجدان، وأنزل الدين مشتملا على عقيدة، وشريعة، وأخلاق، ليشبع الإنسان كافة جوانبه، ويتمكن من القيام بواجبه الذي خلق له، في توافق وتوازن، وانسجام فلا يطغى جانب على غيره، ولا يشبع عنصرا دون سواه.
فليس من الدين مادية مفرطة تشبع الجسد، وتهمل الروح، وتعلي شأن اللذة الدنيوية، وتتفنن في الاستجابة للشهوات والغرائز، مع نسيان العقل والوجدان.
وليس من الدين رهبانية جانحة، تعزل الإنسان عن الحياة، وتضعف الجسد، وتهمل العقل، وتغرق الإنسان في همهمات، وشطحات، مهما تعدد مسماها.
وليس من الدين اعتماد مطلق على العقل، يرضى بالفلسفة، ويغتر بالتقدم الفكري، وينسى ما عداه.
إنما الدين وحي من الله تعالى، جاء به الرسل للناس بمنهج كامل، يتعامل مع الجسد، والعقل، والوجدان، بصورة متوازنة.
إن الدين الحق ينظم للإنسان كاف جوانب حياته، وجميع ألوان نشاطه، وبذلك يعيش الإنسان لله إنسانا سويا، لا تتمزق شخصيته، ولا تتبعثر أنشطته ولا يدركه القلق، أو الاضطراب أو التضارب.
والإنسان حين يعيش بالدين الحق يجد نفسه أمام نظام رباني، ينسق له ألوان نشاطه، ويشرع له في كل أمور الدنيا، ويهيئه ليسعد في الآخرة.
إن وحدة المنهج يحقق وحدة الشخصية، دون أن يجور جانب على جانب، أو يضيق مجال الحركة، أو يمزق الإنسان بين عدد من المناهج البشرية بما فيها من عجز، وتضارب، وقصور.
إن رسالات الله، ودعوات رسله إلى الناس، حاولت أن توضح الحقيقة الدينية أمام الإنسان، حماية لفطرته، وإزالة للغبش الذي وضعه أهل البغي، والضلال في الأرض.