للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرعون لما آمنوا قالوا لفرعون {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} ١، وقالوا أيضا: {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُون} ٢ فإنهم بذلك أعلنوا إيمانهم الذي لا يعبأ بالدنيا وعذابها وإنما ينتظرون الآخرة وما فيها من حساب وجزاء وفق ما أرشدهم سيدنا موسى عليه السلام فلقد نقل إليهم قول الله له: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} ٣، ونقل كذلك قوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} ٤ فالإخراج من الأرض بالبعث، وعودة الروح إلى الجسد من أجل الحساب، والجزاء على الأعمال، وقد ذكر لهم موسى ذلك ليثبت لهم البعث الذي هو من أصول دعوته وأحد الأركان التي يقوم عليها الإيمان.

إن المؤمنين من أتباع موسى عليه السلام كانوا لشدة يقينهم بالقيامة، كانوا يخوفون أهاليهم من أهوالها، كالرجل الذي آمن منهم ونادى فيهم قائلا: {وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَاد} ٥ ويوم التناد هو يوم القيامة حيث ينادي بعضهم بعضا للاستعانة أو يتصايحون بالويل والثبور، أو يتنادى أصحاب النار وأصحاب الجنة، أو يند بعضهم من بعض على قراءة التشديد، وعن الضحاك إذا سمعوا -أي الكفار- زفير النار ندوا هربا فلا يأتون قطرا من الأقطار إلا وجدوا ملائكة صفوفا، فبينما هم يموج بعضهم في بعض إذا سمعوا مناديا أقبلوا إلى الحساب٦.


١ سورة طه آية "٧٢".
٢سورة الزخرف آية "١٤.
٣ سورة طه آية "١٥".
٤ سورة طه آية "٥٥".
٥ سورة غافر آية "٣٢".
٦ تفسير أبي السعود ج٥ ص٩.

<<  <   >  >>