للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على من يستحقها من الناس، والمستحق هو من آمن بالله واليوم الآخر، أما الكافر بهما فهو وإن تمتع فإنما يتمتع قليلا في الدنيا، لكنه في الآخرة سوف يعذب بعذاب النار وبئس المصير.

وفي هذه الآية يوضح سيدنا إبراهيم عليه السلام حقيقة الإيمان، والكفر، ومآل كل واحد منهما عند الله.

إن سيدنا إبراهيم عليه السلام دعا إلى البعث في لين، ولم يصطدم بعتو القوم وجبروتهم، وحينما كان يلجأ إلى التمثيل كان يمثل بنفسه، يقول لهم مشيرا إلى القدرة الإلهية {وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} ١ ليكون إيمانهم بالله مشتملا على التسليم بقدرته الشاملة للإحياء والإمانة، والمراد بالموت هو الإماتة في الدنيا، والمراد بالإحياء المجازاة على الأعمال٢، وقد نظمت الآية الأمانة مع الإحياء في سمت واحد كما ذكر أبو السعود لأنها قد نيطت بجميع أمور الآخرة بما يأتي بعدها من البعث٣، ومن تمثيله بنفسه قوله: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} ٤، حيث قال أطمع بينما هو عليه السلام قاطع بالمغفرة، وأسند إلى نفسه الخطيئة مع أن الأنبياء مترهون عن الخطايا وما فعل ذلك إلا تعليما للأمة ليعرفوا أن أثر المغفرة على الخطيئة يظهر حتما يوم القيامة ولم يخطئ إبراهيم عليه السلام قط.

إن المؤمنون يسلمون باليوم الآخر، ويصدقون بالبعث، ويعملون الصالحات من أجل النجاة، في الآخرة، وهم لا يؤثرون أي عمل على طاعة الله، انظر إلى سحرة


١ سورة الشعراء آية "٨١".
٢ مفاتيح الغيب ج٦ ص٥٢٦.
٣ تفسير أبي السعود ج٤ ص١١٠.
٤ سورة الشعراء آية "٨٢".

<<  <   >  >>