للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} ١، ولقد كان من أوضح أسباب اللعنة أنهم كفروا بالبعث الذي ذكره لهم، وعرضوا رأيه في هذا المجال، في دهشة واستغراب، وقال السفهاء منهم لنظرائهم، {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} ٢ ولم يكتفوا بهذا الاستفهام الإنكاري، بل أنكروا البعث صراحة، واستبعدوا كل ما وعدهم به من أمور الأخرة، فقالوا: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ، إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِين} ٣، فلا عجب إذًا بعد الإنكار والاستهزاء أن تتابعهم اللعنات في الدنيا والآخرة.

وسيدنا شعيب عليه السلام خوف قومه من يوم القيامة، ودعاهم إلى العمل الصالح من أجل الفوز فيه فقال لهم: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} ٤، وإنما قال لهم هذا رجاء أن يستجيبوا لدعوته، ويؤملوا في ثواب يوم الآخرة.

وأيضا فلقد بين سيدنا إبراهيم عليه السلام أن الإيمان بالله جزء من العقيدة لا تتم إلا به، ولا ينزل الخير والأمن في الدنيا إلا على أساس الإيمان كله، بين ذلك وهو يدعو ربه قائلا: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} ٥، فنراه عليه السلام يقصر دعوته بالخير والأمن


١ سورة هود آية "٦٠".
٢ سورة المؤمنون آية "٣٥".
٣ سورة المؤمنون الآيات "٣٦، ٣٧".
٤ سورة العنكبوت آية "٣٦".
٥ سورة البقرة آية "١٢٦".

<<  <   >  >>