للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمراد بالحكمة، العقل والفهم، وبواسطة تمكنهما من العلم والحكمة صار لهما شأن بين الناس، يقول تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} ١.

ج- التربية العملية: ويراد بها تعليم النشء كيفية التعامل مع الناس، واكتشاف البيئات، والوقوف على طبائع البشر مع اختلافهم، ثقافة، وفكرا، وعملا.

ولقد أحاط الله رسله بهذا النوع من التوجيه، فها هو يوسف عليه السلام يعاشر التجار، والأمراء، وأصحاب السجن، ويتحدث في أمور المعاش، وقضايا الدين، وطرق التخطيط للمستقبل.

ومثله كان موسى عليه السلام من قبل، يعيش في بيت فرعون، ويختلط بالمصريين، والإسرائيليين، ويتجول بين الرعية، ويذهب إلى مدين، ويعمل برعي الغنم، ويرى حياة المدنية، والبداوة، ويرى العمران، والصحراء.

إن هذه التربية التي عاشها موسى ويوسف عليهما السلام ضرورة لكل مبلغ لدين الله تعالى؛ لأنها تمكنه من فهم الناس، والتعامل معهم، وتجعله قادرا على تبليغ دين الله تعالى على الوجه الصحيح.

لقد ربى الله رسله، وكونهم بقدرته، ولذلك كانوا محل ثقة الناس وتقديرهم قبل الرسالة، وكانوا يأملون فيهم أن يكونوا كهنة الأصنام، ودعاة الأوثان.

فلما بدءوهم بدعوة التوحيد، تعجبوا، وأصابتهم الدهشة، وعبروا عن ذلك بما حكاه الله عنهم، يقول تعالى: {قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} ٢.


١ سورة النمل آية "١٥".
٢ سورة هود آية "٦٢".

<<  <   >  >>