للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} ١، ويقول تعالى: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ،} ٢.

فالرسل قبل الرسالة تميزوا بأخلاقهم، وعلمهم، وحسن تعاملهم مع الناس، ومن أهم ما تميزوا به: الأمانة، وهي من أمهات الأخلاق، اتصف بها جميع الرسل، قبل بعثتهم وبعدها، وظهرت معهم كلازمة من لوازم حياتهم، واشتهروا بها بين أقوامهم، ولذلك رأينا الرسول حينما يقابله الناس بالتكذيب، والإيذاء، يذكر لهم ما عرف به عندهم من أمانة واضحة قبل الرسالة، وهي معه بعد الرسالة بالضرورة، لقد قال كل رسول لقومه: {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} ٣ يقول أبو حبان: هذه الآية علة معلولها ما تقدمها، من عرض الرسول تقوى الله عليهم، وعلة هذا معلولها تقتضي أن تكون معروفة، ومعهودة، لدرجة تدفع إلى الإيمان بالمعلوم، فالرسول مشهور بين قومه بالأمانة٤، وكأنه يقول لهم بهذه الآية: كنت أمينا من قبل، فكيف تتهموني اليوم٥؛ لأن الكفار لا يستطيعون إنكار ما اشتهر به رسولهم، ولذلك حاولوا إزالة الصفات المعروفة عن الرسول، بدعوى حدوث أمور عارضة، منعت استمرار هذه الصفات المسلم بها، من قبل، كدعوى الإصابة بالجنون، أو بالمس بالشياطين من أمثال قول قوم نوح عنه: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ


١ سورة هود آية "٨٧".
٢ سورة يوسف آية "٥١".
٣ سورة الشعراء آية "١٠٧".
٤ البحر المحيط ج٨ ص٣١.
٥ تفسير أبي السعود ج٤ ص١١٣.

<<  <   >  >>