للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أطباق ذلك الجمع على الكفر، ومعنى قوله: بل فعله كبيرهم هذا، إثبات الفعل إلى نفسه لا إلى الصنم، يقول الزمخشري: إن قصة إبراهيم عليه السلام لم يكن أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى الصنم، وإنما قصد تقريره لنفسه واثباته على أسلوب تعريضي يبلغ فيه غرضه١، وقوله: هي أختي أي أختي في الإسلام، وقد ورد في لفظ رواية مسلم، تلك أختي في الإسلام فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك٢.

هذا وقد قال الرازي في تفسيره: إن الخبر لو صح فهو محمول على المعاريض٣، ومن المعلوم أن ما في المعاريض من صور الكذب ليس كذبا في الحقيقة وقد جمع البخاري صورا منها وترجم لها بعنوان "باب المعاريض" مندوحة من الكذب٤.

وهكذا كان الأنبياء صادقين وأمناء وأصحاب عفة وقد جمعوا سائر الأخلاق الفاضلة، فلما جاء خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم سار على هديهم، وتمم بما احتاجه الناس وقال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ٥.


١ الكشاف ج٢ ص٥٧٧، وقد بين الزمخشري تأويل هذا التعريض فقال لو كتبت كتابا رشيقا وسألك صاحبك: أأنت كتبت؟ فقلت له أنت الذي كتبت فهو إقرار لجوابه مع الاستهزاء، وأيضا فإن الصنم الكبير كان غيظة لإبراهيم أكثر من غيظ غيره فهو الذي تسبب في دفع إبراهيم إلى تكسيرهم، باختصار وقيل المراد بالكبير أصبعه.
٢ صحيح مسلم ج٧ ص٩٨.
٣ مفاتيح الغيب "ج٦ ص٩٨.
٤ صحيح البخاري ج٨ ص٥٩ - كتاب الأدب - باب المعاريض مندوحة من الكذب.
٥ موطأ مالك ج٤ ص٩٢ ما جاء في حسن الخلق.

<<  <   >  >>