للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الوقوف على هذه الحقائق المستفادة من دعوات الرسل في القرآن الكريم تعطى فؤاد كثيرة للدعاة إلى الله دائما؛ لأنهم بعد علمهم بطبائع الناس يمكنهم التوجه إليهم بصورة ملائمة، مؤثرة.

ندرك من قصة خلق الإنسان في بدايته الأولى أنه مخلوق عجيب، أودع الله فيه كثيرا من الأسرار، فهو مخلوق مزود بطاقات عديدة، ولعل أهمها طاقة المعرفة التي تمكنه من معرفة الكائنات من حوله، والتأمل، والنظر فيها بعمق، وتمكنه من الحفظ والتذكر، والتحليل، والاستنباط.

ومن طاقات الإنسان قوة الإرادة التي تغلب شيئا على شيء، وتحدد المقصود، وتدع سواه.

ومن طاقات الإنسان القوة الفاعلة التي تحرك جوارحه للعمل، وتنشط همته للإنتاج، وبهذا الفعل تكون صورته في الناس.

إن القوة الفاعلة نتاج طبيعي لقوة العلم، وقوة الإرادة، وهذه القوى تحدد قدر الإنسان في الحياة.

ومن عجائب الإنسان ازدواجية القيم التي يتمتع بها، فلديه مساحة واسعة للخير، والحب، والأمل، والتعاون، والتفاؤل، والتجرد، ونكران الذات.... وفي نفس الوقت يمتلك قيما مضادة كالشهوة، والكراهية، والتشاؤم، والأنانية، والانعزال.

يقول الأستاذ/ محمد قطب: "من عجائب التكوين البشري وجود خيوط متقابلة، متوازنة متحاورة في النفس، مختلفة في الاتجاه.... كأنها أوتار، متقابلة تشد الكيان كله، وتربطه من كل جانب يصلح للربط"١.


١ منهج التربية الإسلامية ج١ ص١٥٤، ١٥٥.

<<  <   >  >>