هذا التكوين البشري يحتاج إلى معرفته المربون والدعاة، ليتعاملون مع الإنسان على أساس وجود هذه الاتجاهات المتقابلة فيه.
إن الكفر، والمعصية عبارة عن تغلب قوى الشر، والفساد، على غيرها في الإنسان لسبب ما، والدعاة عليهم أن لا ييأسوا من كفر كافر، أو فساد ضال، فأمامهم جانب خير، عليهم أن يبرزوه في الإنسان، ويقووه، ويعتمدوا على معطياته، فما التربية في الحقيقة إلا توجيه لعناصر الإنسان نحو غاية مقصودة بطريقة ترضي، وتقنع، وبذلك يضعف الكفر، وينتهي العصيان.
ليس الإنسان نمطا واحدا لا يتغير، وإنما هو كائن، قابل للتغيير والتبديل.... وكثيرا ما تتغير عواطف، وتتبدل اتجاهاته.... وقد رأينا كيف انتقل الإنسان من عالم الإيمان إلى الضلال، أو آمن بعد كفر.... وذلك يعد دليلا عمليا للدعاة، يدفعهم إلى العمل والأمل في خدمة الدعوة والناس.
ومن حقائق الإنسان العامة: أن التغير الحقيقي الذي يعايشه يكون من داخله في الأساس؛ لأن الإنسان يحيا بروحه ويشعر بذاته من خلال شعوره، وفكره، وإذا تمنى أمرا، أو أحبه، أو رضي به فإن هذه الجوانب تبدأ من روحه، وعقله، وتنعكس تلقائيا على جوارحه وسلوكه.
إن العقل هو أساس الاقتناع، والرضى هو رأس العمل.... ولذا كان الباطن هو قائد البدن، ومنه يكون التغيير.
إن قيم الخلق، والسمو، والتقدير تأتي من العقل، ولكنها تظهر عمليا على الجوارح.
ولهذا كان على الدعاة تربية النفوس، ومخاطبة العقول بالبرهان المقنع، والقول الحكيم ليصلوا لمرادهم.
إن الإنسان يتميز على سائر الكائنات بالتفكير العقلي، والاختيار الحر، والإرادة الطليقة،.... ولذلك ينهزم كل من يتعامل معه بعيدا عن هذه الحقائق.