للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يدركون هذه الآيات, ويرتبطون بها في معاشهم، ليلا ونهارا، ظلمة ونورا، سيرا وعملا، طعاما وشرابا، في دقة رائعة، وفي تتابع منسق، لا يبغي بعضها على بعض ... إن الخالق هو الله الواحد، ويجب أن يعبد وحده ...

وتقوى الله هي البرهان على استقرار التوحيد في القلب، وهي القوة المحرِّكة ليعيش الإنسان عابدا لله، بالمنهج الذي جاء به نوح -عليه السلام- ولذلك قال لقومه: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} ١، يقول سيد قطب: "وعبادة الله وحده منهج كامل، يشمل تصور الإنسان لحقيقة الألوهية، وحقيقة العبودية.... وتقوى الله هي الضمانة الحقيقية للاستقامة على هذا المنهج وعدم التلفّت إلى غيره، بلا رياء، ولا تظاهر، ولا مماراة ... وطاعة الرسول هي الوسيلة للاستقامة على المنهج وتلقي الهدي من مصدره، واستمرار هذا الاتصال ما دامت الرسالة موجودة"٢، ووجود الرسالة يدوم بوجود رسولها، أو بوجود مصادرها المنزلة.

ومن الحقائق المسلمة أن الدعوة إلى التوحيد تتضمن بالضرورة الإيمان بالرسول, وبالملائكة، وبالكتاب ... لأن الملائكة هي حاملة الكتاب المنزل على الرسول، والرسول هو مبلِّغ الوحي للناس.

ولذلك قال نوح عليه السلام: {وَأَطِيعُونِ} ؛ لأنه رسول الله إليهم, وبلاغه هو دين الله تعالى.

والإيمان باليوم الآخر جزء من العقيدة، وقد عرفهم به نوح -عليه السلام- وهو ينذرهم به، قال تعالى: {أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} ٣.


١ سورة نوح آية: ٣.
٢ في ظلال القرآن ج٨، ص٢٩٨, الطبعة السابعة, دار التراث العربي.
٣ سورة هود آية: ٢٦.

<<  <   >  >>