يمكنه التوجه إليهم، وهذا هو المقصود من قوله تعالى:{ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا} .
وكانت مكارم أخلاقه -عليه السلام- وسيلة عملية تعرفهم بدين الله تعالى، وحسن تأثيره في الخلق والسلوك.
ز- خاطبهم عليه السلام بأساليب متعددة ...
فاستعمل معهم أسلوب الحكمة ويراد به القول الموجز الدال على معناه بعبارة قصيرة، دقيقة، ومنه الطلب المباشر المحدد ومثاله في قوله لهم:{أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} ، ومن الأساليب الحكيمة أسلوب عرض الآيات الكونية والإنسانية؛ لأنها تدل على مرادها بصورة دقيقة لا يمكن ردها، ومن علامات الحكمة في الآيات الكونية والإنسانية أنها وإن تضمنت المعاني الكثيرة, فإنها تأتي في كلمات قليلة, انظر قوله تعالى:{مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} ، فإنها تشتمل على كلمات قليلة، وكل كلمة تشتمل على المعاني الكثيرة، فوجه السؤال وجعله خاصا بهم لقوله:{مَا لَكُمْ} ويحدد التهمة وشناعتها بقوله: {لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} ، وهي تهمة تتجلى في مفهومهم بصور عديدة. إنهم يصنعون الأصنام، ويعبدونها، ويتوجهون إليها، ويتركون الله تعالى ولا يوقرونه، مع أنه تعالى أكرمهم {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} أي: على مراحل عديدة، فمن نطفة، إلى علقة، إلى جنين، إلى مولود، إلى أن يموت، كل ذلك بقدر الله وعلمه، ومع ذلك لا يوقرونه.
إن هذه الكلمات، والآيات، لا يمكن للقوم أن يردوا عليها لوضوحها، ولكنهم استمروا على الكفر معارضين لدين الله بلا حجة, أو بيان.
ومن الأساليب التي توجه بها نوح -عليه السلام- إلى قومه الموعظة الحسنة، ويراد بها الأسلوب المشتمل على المعاني المثيرة، التي تخاطب العواطف، وتجذب النفس، وأساس هذا الأسلوب الترغيب والترهيب؛ لأن الترغيب يعمل على التزيين