للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن رابطة الإيمان تربط القلوب، وتوحِّد الأجساد، وتقوى بمعونة الله تعالى؛ ولذلك فهي دائمة مستمرة في الدنيا وفي الآخرة، وأصحابها هم المفلحون، وهم حزب الله، أما أعداء الله فهم منقطعون عن المؤمنين، لا مودة معهم، فهذا ابن نوح ظل على كفره ولم يدخل الإيمان قلبه, فأغرقه الله مع الكافرين، ولم يَقْبَل طلب نوح فيه، وقال له: {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} ١؛ ذلك أن نوحا -عليه السلام- طلب من ربه أن ينجي له ولده, فعرفه الله بانقطاع الصلة به؛ بسبب عدم إيمانه، ولفظ الآية صريح في عدم جدوى رابطة النسب إذا انتفت رابطة الإيمان.

وكما أغرق الله تعالى ابن نوح بسبب عدم إيمانه، أغرق كذلك زوجته بسبب عدم إيمانها هي الأخرى، وجعلها الله مثلا للكافرات، ولحكمة أرادها الله تعالى جعل زوجة نوح وولده من الكافرين؛ ليهلكا مع المغرقين، وليعلم كل إنسان بعدهما أن الإيمان هو طريق النجاة، وأنه صانع القرابة الحقيقية، فالزوجة الكافرة، والابن الكافر، ليسا من أهل الزوج المؤمن، والأب المؤمن؛ لأن الكفر يفرق بينهما، أما الإيمان فإنه العروة الوثقى بين المؤمنين، وهو الصلة القوية الدائمة بينهم.

ولعل قوة الإيمان في التأثير ترجع إلى أنه يتم بناء على اقتناع ورضى، بينما غيره من العوامل يتم بطريقة عفوية لا دخل للإنسان فيه، وأيضا فإن الإيمان عامل يزداد بالإخلاص فيه، أما العوامل الأخرى فهي ثابتة لا تقبل الزيادة، يقول الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ٢.


١ سورة هود آية: ٤٦.
٢ سورة التوبة آية: ٧١.

<<  <   >  >>