للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنَّ منهجَ السَّبرِ عندَ المحدِّثينَ لتمييزِ الصَّحيحِ منَ الضَّعيفِ، والمنقولِ منَ المتقوَّلِ، والحكمِ على الرِّجالِ، والاعتبارِ بمرويَّاتِهِم، بدأتْ بذورُهُ في عهدِ الصَّحابَةِ الأُوَلِ أبي بكرٍ وعُمَرَ -رضي الله عنهم- ومَنْ بعدَهُم، ثمَّ ترعرعتْ في ظِلِّ كثرةِ الرُّواةِ وتعدُّدِ الأسانيدِ والمتونِ، حتَّى أصبحَ السَّبرُ عُمْدَةَ المنهجِ العلمِيِّ للنَّقدِ عندَ المحدِّثينَ في التَّصحيحِ والتَّضعيفِ، والجرحِ والتَّعديلِ، وبلغَ الذُّروَةَ في القرنِ الثَّالِثِ الهِجريِّ، وامتدَّت جذورُهُ حتَّى القرنِ العاشرِ الهجريِّ، إلى زماننَا هذَا، قالَ الأعظَمِيُّ: «إِنَّ المُعَارَضَةَ بَينَ الرِّوَايَاتِ المُخْتَلِفَةِ لِمَعْرِفَةِ الحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَتَمْيِيزِ الصَّوَابِ مِنَ الخَطَأِ، وَنَقْدِ الرِّجَالِ، بَدَأَتْ مِنْ عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَتَرَعْرَعَتْ، وَتَفَرَّعَتْ، وَاسْتُعْمِلَتْ مِنْ قِبَلِ المُحَدِّثِينَ النُّقَّادِ كَافَّةً، حَتَّى أَصْبَحَتْ مَنْهَجَهُمُ العِلْمِيَّ فِي الأَقْطَارِ وَالأَزْمَانِ كَافَّةً، غَيرَ أَنَّ هَذَا المَنْهَجَ تَوَّسَعَ كَثِيرَاً بِمُرُورِ الزَّمَنِ، وَتَنَوَّعَتْ طُرُقُهُ وَأَسْبَابُهُ … » (١).

* * *


(١) منهج النقد للأعظمي ص ٦٦.

<<  <   >  >>